الصفصاف من المعارك الخالدة في تاريخ معارك جهاد الليبيين ضد المستعمر الإيطالي وتعد المعركة درساً في الثبات والصمود والبسالة والإقدام وذلك من خلال العمليات والتخطيط والضربات التي تعرضت لها قوات العدو كانت نتائجها حاسمة وكارثية للعدو وهي بلا شك

تعتبر واحدة من المعارك التي شكلت علامة فارقة في تاريخ الجهاد الليبي في المنطقة الشرقية.

المكان الصفصاف قرية قرب مدينة شحات بمنطقة الجبل الأخضر ببرقة الشامخة والحدث كمين معد بإحكام من قوة المجاهدين بقيادة المجاهد أقطيط موسى الحاسي الذي أهتم بتشكيل بعض كتائب المقاومة المعروفة باسم (دور اقطيط) غرب مدينة درنة وتحصل على دعم مادي ومعنوي من أخوه الأكبر المجاهد الساعدي موسى، وبالتعاون مع إخوته وأبناء عمومته وسكان المناطق القريبة من شحات وأخذ هذا الدور الوليد في مهاجمة قوافل العدو ونقل المؤن والمعدات، وقضى على عدد كبير من حراسها، وواصل مهاجمة قواعد ومراكز القوات الإيطالية بمنطقة شحات وسوسة والقيقب ليلاً ونهاراً، وقد إستطاع الاستيلاء على عدد كبير من المعدات العسكرية من أسلحة وذخائر، مما سبب إزعاجاً متواصلاً للقوة الإيطالية فشعر قادة العدو بخطورة تلك الهجمات، وقرروا القضاء على تجمع المجاهدين بمنطقة الصفصاف.

في يوم الثلاثاء الأول من الشهر السابع يوليو العام 1913م زحفت قوتين كبيرتين من المشاة والمدفعية الإيطالية نحو الصفصاف تساند وتحمي قوة إيطالية من سلاح المهندسين من معسكرها في شحات للقيام بأعمال تمهيد الطرق وذلك لتأمين التواصل والدعم اللوجستي بين القواعد والمعسكرات الإيطالية في المنطقة

كان قائد القوة الأولى الميجر بيلي، وقائد القوة الثانية الميجر ملياتشي حيث دارت معركة عنيفة بين المجاهدين وقوات العدو، إستمرت ثلاثة أيام من القتال المتواصل وانتهت المعركة بتقهقر قوات العدو وأعوانهم، تاركين خلفهم في ساحة المعركة عددا كبيرا من القتلى والجرحى والأسرى، وكان من بين القتلى قوات العدو قائد القوة الأولى الميجر بيلي، وقائد القوة الثانية الميجر ملياتشي، ومساعده.

بدأت العملية برصد قوات المجاهدين لتلك القوة وأنتظار وصولها للمكان المحدد لتشن عليها هجوماً عنيفاً أربك قيادة تلك القوة التي كانت تستعد في حينها لتبدأ أعمالها للتوجه نحو الفايدية .

بدأ الهجوم عند الظهر بتبادل لإطلاق النيران بين الطرفين لإشغالهم عن القوة الرئيسية للمجاهدين التي بدأت تظهر على الهضاب المحيطة محاصرة المكان الذي تواجدت فيه القوة الإيطالية في إنتظار الأوامر لبدء الإشتباك

أدرك القائد الإيطالي الرائد بيللي وقوعه في المصيدة وأعطى أوامره بالإنسحاب ولكن هيهات فقد وقع فعلاً في الكمين الذي أعده له المجاهدين وسرعان ما أحاطت به قوات المجاهدين وبدأ الإشتباك والقتال التلاحمي القريب في مواجهة عنيفة سقط على أثرها الرائد بيللي والكثير من جنوده وساعد ذلك كثيراً في إنهيار القوة الإيطالية .

وصل الخبر إلى شحات حيث مقر قيادة القوات الإيطالية وبادرت للدفع بقوات إضافية للمنطقة بإمرة الرائد ملياتشي وعند المساء وصلت القوة الإيطالية للمنطقة وكان المجاهدين حينها ينفذون عملية مطاردة لفلول العدو وتوجهوا بكل قوتهم نحو الجناح الأيمن للقوة الإيطالية فأمر الرائد ملياتشي” قواته أن تسارع بالإنسحاب نحو مواقع المدفعية ولكن تعثر الجنود في تنفيذ أمر الإنسحاب جعل الأمر أكثر صعوبة وما زاد الأمر تعقيداً غياب السيطرة بعد مقتل قائد القوة ما أفقدهم التوازن وكان انسحابهم نحو الصفصاف حيث دارت المعركة في الصباح طالبة الدعم من معسكر قيادتها في شعاب .

بادر الجنرال تاسوني إلى تخصيص قوة كبيرة لدعم قواته التي حوصرت في الصفصاف لكنها أضطرت للتوقف عن المسير في الليل ولم تتمكن من مواصلة سيرها إلا فجراً لتصل للموقع في صباح التالي  لتجده خالياً من قوات المجاهدين التي أنجزت واجبها القتالي بكفاءة عالية ويرجع ذلك لقيادتها وهنا نذكر المجاهد أقطيط موسى الحاسي القائد الفذ الذي تولى إدارة المعركة بنجاح كبير.

ذكر الصحفي الإيطالي فاروفاراتيني في مجلة القوات المسلحة أن عدد قوات المجاهدين ذلك اليوم لم تزد عن الثلاثمائة مقاتل معززين بعدد مدفعين لكنها ضمت الكثير من العناصر النظامية وأحسن المحاربين.

وطبقاً لبلاغاتهم الرسمية بلغ عدد خسائر القوات الإيطالية ثمانية قتلى من الضباط وخمسة جرحى، ومن الجنود ثلاثين قتيلا، ومائة وخمسين جريحا، واعتبر أربعة وستين جنديا في عداد الأموات، وتم حرق عدد من السيارات، واستولى المجاهدون على عدد كبير من الاسلحة الخفيفة والثقيلة والذخائر.
تولى قيادة المعركة المجاهد أقطيط موسى الذي عرف بشجاعته وإقدامه وبراعته في الرماية ووضع الخطط الهجومية والدفاعية والمشاركة في نصب الكمائن لقوافل العدو الإيطالي وكان قد
تولى المجاهد أقطيط موسى علي الحاسي قيادة جموع المجاهدين في معركة الصفصاف الذي عرف عنه شجاعته وإقدامه وبراعته في الرماية ووضع الخطط الهجومية والدفاعية والمشاركة في نصب الكمائن لقوافل العدو الإيطالي ولعب فيها دوراً كبيراً كقائد ومقاتل، إلى جانب حوالي ثلاثمائة مجاهد ، تمكنوا خلالها من التصدي لهاتين القوتين الكبيرتين اللتين هاجمتا مقر المجاهدين بمنطقة الصفصاف قرب مكان يسمى سيدي احميدة، حيث انتهت المواجهة بمداخل منطقة القيقب في اليوم الثالث للمعركة، والدليل على صحة تلك الرواية وجود قبور عديدة للمجاهدين في منطقة لالي القريبة جدا من القيقب.

حكم عليه الطليان بالإعدام وظل يقارعهم وأستحود على ثقة شيخ المجاهدين عمر المختار حيث كان ينوب عنه في قيادة قوات المجاهدين على مختلف أدوارهم.

يعتبرالمجاهد أقطيط الذي التحق مبكراً في حركة الجهاد الليبي في عام 1911م من مؤسسي الجيش الليبي |السنوسي| حيث كان مسئولاً عن تجنيد المقاتلين من الليبيين المهاجرين والمقيمين في مصر توفي المجاهد أقطيط في 1962/12/24م في منطقته الصفصاف التي عاش فيها وبذل في سبيلها وسبيل بلاده الغالي والنفيس لقب بالشايب ولم يكن كبيراً حينها فقد كان عمره في السادسة والثلاثين لكنه كان يملك حكمة كبار السن ورويتهم في المواقف الصعبة.

لم ينساه أهل الصفصاف الذين عاش بينهم دهراً قبل أن يتقل إلى مصر ولازالوا يذكرونه ويذكر أن إحدى العجائز تحمل حفيدها وتغني وتقول له : إن شاء الله يطلع كيف أقطيط ويقعد كيف أقطيط بروحه لاراعى في الناس أجروحه.

تقييم المستخدم: 2 / 5

Star ActiveStar ActiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive