فى ظل الوضع الراهن والتغيرات المتلاحقة والمتشابكة في الساحة والمنطقة بكاملها يرى الخبراء العسكريون الإسرائيليون تشاطرهم في ذلك أصوات قويه من داخل الكنيست وعبر اللجنة الوزارية المصغرة أن الأوان قد آن لإحداث ثورة فى الجيش الإسرائيلى تطال بنيانه وتشمل تغيرا أو تغييرا للمفاهيم العسكرية في القيادة العسكرية خاصة على خلفية التطورات الإقليمية والتكنولوجية، 

التطورات الإقليمية بمعنى التغييرات التي حدثت لجيوش الدول المجاورة، ومن جانب آخر هناك بعض التطورات التكنولوجية العلمية التي تغيرت وجعلت ساحة أو ميادين القتال المستقبلية مغايرة تماماً للساحات التقليدية مثل المواجهة الإلكترونية والجبهة القوية والعريضة التي وصلت إلى أعماق مكونات الجيش.. مما يعبر عنه بارتفاع فى معدل التهديدات المحدقة من المنظور الإسرائيلى كالإرهاب والإنترنت وغيرها فى مناخ يجمع فيه المحللون على انخفاض معدل التهديدات التقليدية المحدقة فى غياب جيش العراق وتورط الجيش السورى وانشغال الجيش المصرى بالهم الداخلي، غير أن رياح ثورات الربيع العربى التى هبت لها أيضا حساب كبير لديهم ونتائجها لم تحسم بعد وكذلك تداعياتها الغير متوقعة على المنطقة بأسرها ما دفعهم لمناصرة الخطة والتعجيل بتفعيلها رفعاً لمعدل كفاءة الجيش الإسرائيلى وقدراته وتحويله الى جيش أصغر ولكن أذكى ( smaller but smarter).

حيث تهدف الخطة العسكرية المطروحة لإحداث تغييرات جوهرية ونمطية لمكونات الجيش وقدراته تتماشى والآراء المقترحة بضرورة تقليص الموازنة العسكرية للسنتين القادمتين والتي يقودها وزير المالية، والتي سيشرع في تفعيلها الآن وتستمر لخمس سنوات حيث سيسرح بمقتضاها نحو خمسة آلاف جندي نظامي، كما ستقلص المناورات العسكرية بشكل كبير وتغلق وحدات كاملة لعدد من الأسلحة، هذا وتهدف الخطة في مجملها لتجديد بنيات الجيش الأساسية وذلك لمواجهة ما ذكر عن تهديدات إسرائيل الأمنية غير المتوقعة، ومجاراة الأنماط الحديثة للحروب كالإرهاب والإنترنت وغيرها وذلك بتطبيق نمط جديد لتحديث السلاح البري، مدعوما بزيادة الاستثمار في تقنيات الاستخبارات والتسلح الدقيق لسلاح الجو والدفاع الجوي والمنظومة الإلكترونية، ومما أكدته معظم الدراسات فى هذا الشأن بأن ذلك يعتبر تغييراً كلياً لمفهوم الجيش القديم المثقل بالمعدات والمعد لأغراض الحروب التقليدية بجيش أكثر تناسقاً وإعداداً بمعنى تحديثه بنيوياً وتقنياً معوضا نقص عدد القوات الذي سيطبق وفق الخطة، التي أقرت بواسطة الحكومة الإسرائيلية عبر المجلس الوزاري المصغر الذي سيقوم بالتذكير والتشديد على أن لا يقتصر تفوق الجيش الإسرائيلي فقط جوياً وبرياً وبحرياً، بل استخباراتياً وإلكترونياً أيضاً وفي كل مجالات الحروب الحديثة، مع ارتباطها الوثيق بالمنطقة والتهديدات المزعومة التي ما فتأت تتحدث إسرائيل عن مواجهتها . أما تخفيض الميزانية بمقدار حوالي 2 مليار دولار في مجمل خفض 3 مليار دولار لكامل الميزانية العسكرية الإسرائيلية يحمل بعدين أساسيين , البعد الأول أن هناك خطة قدمها (بينيغانز) مؤسسة على هذا التطور التقني الكبير الذي أفرزته الثورة في الشؤون العسكرية، أسلحة توجيه دقيق، إطلاق نيران من بعيد، حماية كبيرة للقوات المقاتلة، دقة كبيرة، سيبرcyber war أو ما يسمى الآن حرب الفضاء المعلوماتي التي من الممكن أن تشل تماماً أنظمة القيادة والسيطرة لدى العدو، كل هذه المجالات ومجالات أخرى مع وجود ستة أقمار صناعية تسبح في السماوات العربية وسماوات منطقة الشرق الأوسط، وبحسب المعلق العسكري لصحيفة "إسرائيل اليوم" فإن التقليص الذي تقرر في قوام الأسراب العملياتية لسلاح الجو الإسرائيلي ليس سوى طرف جبل الجليد في التغيير البنيوي العميق، الذي يسعى الجيش لاستحداثه في السنوات القليلة المقبلة. مشيرا بأنه سيغدو أقل شحماً وأكثر عضلات، وفي الأساس أكثر تناسقاً لمواجهة مهمات العهد الجديد.
بمعنى أن الجيش الإسرائيلي سيتحول إلى جيش صغير وذكي: وهذا الادعاء ليس دقيقا حيث ستستبدل الأسراب الجوية التي سيتم إغلاقها بأخرى تعتمد على طائرات دون طيار كما يجري استبدال أنظمة الدفاع الجوي القديمة بأخرى جديدة كما تزود الجيش الإسرائيلي خلال الأعوام الماضية بكميات هائلة من الذخائر الذكية والموجهة التي ستغنيه عن نيران سفن الصواريخ المبحرة في مياه البحر كما سيتم تزويد سلاح الجو خلال الأربع أو الخمس سنوات القادمة بسرب قتالي من طائرات أف 35، والى سلاح البرية حيث ستقام ألوية عسكرية تستخدم وسائل نقل "خفيفة" وبهذا تكون ألوية أكثر ديناميكية وقالبة للحركة كما لن يتم المس نهائيا بالمنظومات والدوائر الاستخباراتية كما ستواصل أقسام الحرب الالكترونية " سيبر" نموها المتسارع .

نتيجة التركيز على تهديدين رئيسيين أحدهما يصنف بالتهديد القريب والآخر بعيد، أما القريب فهو حركات مقاومة تتمتع بإسناد شعبي وتقاتل من داخل أراضيها وتصل إلى المجتمع المدني الإسرائيلي سواء عندما تواجه حزب الله أو عندما تواجه حماس، operation dealer of defense والتهديد الثاني أو البعيد وهو إيران، لهذا أنشئوا ما يسمى depth command أو القيادة في العمق.
وبحسب صحيفة يديعوت احرانوت سيشمل التقليص ووفقاً للجيش وقف تشغيل عدد من أسراب سلاح الجو، البعض منها على الفور واخرى على مدار العام والنصف المقبل، كما سيتم تفكيك العديد من الوحدات المدرعة ووحدة عاملة في سلاح الجو إضافة الى خفض عدد السفن الحربية وعدد الدبابات، كما سيتم أيضا خفض افراد الجيش النظامي بما يتراوح بين 3000 الى 5000 فرداً.
كما جاء على لسان رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بن غانز بأن الجيش سيضطر الى تقليص حجم قواته خلال الفترة القريبة بسبب القيود المفروضة على الموارد المتوفرة لديه، وأوضح أن هذه الخطوات ستنفذ بناء على سلم أولويات تحدده قيادة الجيش من منطلق المسؤولية، وأشار (غانز). إلي أن ملامح الحروب قد تغيرت في الفترة الأخيرة و العدو لا ينشط في جميع الحالات بصورة جلية، كما نشهد حالة من عدم الاستقرار في سوريا ولبنان ومواصلة سعي إيران لحيازة قدرات نووية.
أما بالنسبة للوضع في قطاع غزة أشار الجنرال غانتس الى أن القطاع يشهد هدوءا نسبيا بعد عملية عمود السحاب.
وأخيرا تتوقف الخطة المنشطة لسابقتها سنة 2003 م والتى تعثر تطبيقها بسبب نتائج الانتخابات حينها لتنشط من جديد خلال الفترة الزمنيه المقررة(2014 - 2018). منادية تقريبا بتحقيق نفس الاهداف وهو التفوق ولا غير التفوق.
ففى الوقت الذى تتعالى فيه النداءات بضرورة إغلاق أسراب جويه قتالية قائمة وأنظمة ملاحية ووحدات مدفعية وانظمة دفاع جوى ووحدات دبابات كبيرة وغيرها نراهم يستمرون فى تعزيز قدراتهم فى المزيد من تكنولوجيا الإنترنت والأسلحة المتطورة والذخائر بالغة الدقة والاستخبارات وطائرة المستقبل المقاتلة ف 35، كذلك سيتم إنشاء شعبة إقليمية أرضية جديدة فى مرتفعات الجولان قبل نهاية 2013 لمواجهة التهديدات الناشئه، مراعين فى كل الظروف أن لا تؤثر الخطة فى المجالات الإستراتيجيه الحساسة كبرنامج القبة الحديدية والعصا السحرية وأيضا حماية منصات الغاز فى الشرق الأوسط وغيرها .. وقبل أن نختم مقالنا هذا الذى حاولنا فيه التعريج على المنظور الاسرائيلى لمؤسسته العسكرية الداعمة استقراءً منا لخططهم واستراتيجياتهم المتبعة وهم يساهمون فى بناء جيشهم بصورة شفافة وحوار متحضر مدنى بمنهج علمى تراعى فيه دائماً المصلحة القومية ويتم التنبه فيه لكافة المخاطر والتهديدات المحدقة المحتملة فيها وغير المحتمله لعلنا بذلك ندق جرس صناع القرار والمسؤولين فى المؤسسة العسكرية للتوقف واعطاء مثل هذه المشاريع والخطط الأولويه والدعم والمساندة وذلك بتخفيف الجيش من أعبائه المتهالكة مع عدم التنكر لكفاءاته وقدراته وفسح الطريق أمام عقول شبابه الينيره حتى ترى أفكارهم النور ليساهموا فعلا فى بناء الجيش بكل ما يمتلكونه من حيوية ونشاط وأيضا رفع كفاءاتهم وتأهيلهم التأهيل الأمثل، أما خطط التقليص ورفع الجاهزية فنحن الأولى بتبنيها والسرعة فى تنفيذها حتى نستطيع أن نحد من خطورة التهديدات المحيطة ونسيطر أو نتمكن من السيطرة على تداعياتها والتى ما أنفكت تهدد سلامة الوطن وأمنه ..
بقى أن نعرف أن الخطة الاسرائيلية أختير لها من الأسماء ( تيوزا أو عوز ) أي الحصن بالعبرية أو حصن الجرأة . ونحن نترجمها مفهوماً بالجرأة المحصنه. أي بمعنى الإندفاع المدروس. 

Star InactiveStar InactiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive