مـع إزديـاد الحاجـة إلـى وجـود نــظم أمنيـــة صارمة تحمي الأماكن و الاشخاص والمعلومات من أي تدخلات غير مرغوب فيها من غير المصرح لهم.. تسابق العلماء لإبتداع طرق و إستغلال تقنيات يتم توظيفها لخدمة المتطلبات الامنية التي تزداد أهمية يوماً بعد يوم خاصة في ظل المتغيرات الدولية

خاصة بعد ما بات يعرف بالحادي عشر من سبتمبر الذي قلب الموازين و غير المعايير ورفع من مستويات سماحيات المرور و زاد من ضروريات تشديد الرقابة و منع اى اختراقات امنية. و كتعريف اكاديمي لعلم المقاييس الحيوية يعرف بانه

"علم الأدلة الجنائية في الأجسام البشرية لأنه يضم وسائل التعرف علي الهوية للأشخاص تلقائيا علي أساس الصفات الفسيولوجية والتشريحية الخاصة لكل شخص."

و لعل من أكثر هذه الصفات شيوعا و قدماً بصمات الأصابع و التي  تبعها فيما بعد تحديد الهوية من خلال ملامح الوجه أو بصمة الصوت أو الاسنان أو حدقة العين. و لضمان الاستخدام الدقيق للبيانات الحيوية تم إستخدام الحاسب الآلي للتعرف على خصائص تلك الصفات الفسيولوجية من خلال برمجيات تحول تلك الصفات إلى شفرات تخزن في قواعد بيانات ليتم مقارنتها فيما بعد حيث أن المقارنة هي العامل الاساسي في التصنيف بمعنى المعلومات المتحصل عليها من المسح يتم مقارنتها بالمعلومات المخزنة في قاعدة البيانات و تتم الاجابة من خلال برنامج الحاسب الآلي.. هل صاحب هذه البيانات مسموح له أو  غير مسموح بالمرور أو هل هو مطلوب مثلاً . و ما يميز إستخدام الحاسب الآلي هنا هو أنه يضمن الحصول على  النتائج بسرعة فائقة  في أجزاء من الثانية أحياناً كما أن دقته أيضاً تكون عالية بفضل تقنيات المسح الضوئي و معالجة الصور و إستخدام المصفيات التي تشهد تطوراً ملحوظاً يوماً بعد يوم.و لعل من طرق تحديد الهوية التي لم نتطرق لذكرها هنا هو تحليل بعض مكونات الجسم مثل الدم أو تحليل الحمض النووي(DNA) و غيرها التي تحتاج لتحليل العينات في المختبرات و التى تأخذعادة مدة طويلة و لذلك لا تستخدم في بوابات المرورالتي تحتاج لاجراء عملية التحقق من الهوية في ثواني معدودة. يرجع إستخدام بصمات الاصابع كوسيلة للتعرف على الهوية إلى ما يقرب 30 سنة  ولكن طرق إستخدام المقاييس الحيوية  الحديثة لم تأخد طريقها إلى التطبيق إلا منذ سنوات قليلة حيث تقدر قيمة المبالغ التي صرفت على إقتناء أجهزة الكشف التي تعتمد على التحليل الحيوي اللحظي لبصمة الاصابع و العين إلى ما يقرب من ثلاثة مليار دولار امريكي حتي أن حوالي 50 دولة في العالم أصدرت ما يعرف بجوازات المرور الإلكترونية الحيوية و التي تعتمد على قاعدة بيانات تتضمن بصمات الاصابع لحاملي تلك الجوازات الالكترونية. المقاييس الحيوية تعتبر حتى الآن أفضل وسيلة موثوقة يمكن الاعتماد عليها  للتعرف على الهوية الشخصية لاستحالة تزويرها و لعل من أكثر تلك الوسائل شيوعاً هذه الايام هو إستخدام جواز السفر الالكتروني الذي اعتمدته المنظمة العالمية للطيران المدني (ICAO) و الذي يعتمد على المســح الضوئـي لبصـمات الاصابع أو للعين و الذي سيكون تطبيقه إجبارياً في دول الاتحاد الاوربي بحلول شهر يوليو من العام الحالي 2009 و لهذه السبب اصبحت معظم السفارت تقوم بعملية المسح لبصمات الاصابع او لبصمة العين لتخزينها في قاعدة البيانات الخاصة بسلطات الجوازات. كما أن هناك طرق أخري تعتمد مبدأ المقاييس الحيوية للتعرف على الهوية و التي قد تكون غريبة بعض الشئ ومنها طريقة مشي الشخص و التي يمكن محاكاتها و تشفيرها و تخزينها على هيئة بيانات رقمية من خلال تصوريها بواسطة كاميرا الفيديو و هناك طريقة أخرى لا تقل غرابة عن التي سبقتها و هي رسم خريطة ضوئية للعروق المنتشرة في الجسم أو لمنطقة معينة في جسم الشخص حيث إتضح أن للعروق ايضاً خصائص فريدة من حيث حجمها و شكلها تختلف من شخص لأخر و هناك أيضاً خريطة كف اليد و التي تعتبر من خصوصيات تحديد الهوية و التي يصعب أن يتشابه فيها إثنان حيث أنها لا تختلف عن بصمات الاصابع العادية...و الان و في عدد كبير من دول العالم تستعمل على الا قل طريقتان لتحديد الهوية و ذلك لمنع اى لبس خاصة و أن هذه التقنية تعتبر حديثة حتى الآن و إحتمال حدوث أخطاء وارد حيث تستخدم إلى جانب جواز السفر الالكتروني أحدى طرق التعريف الحيوية مثل بصمات الاصابع أو العين. و مع إزدياد الحاجة الى خدمات القوات المسلحة في حماية الحدود و لكونها اصبحت عنصراً أساسياً في ضبط الحدود و حماية الامن الوطني للدول سيكون بدون شك إستخدام تلك التقنيات حاجة أكثر إلحاحاً لأن الدول لا تبخل عادة في حماية أمنها و تضع ذلك في اعلى سلم أولوياتها. ميكنة مراقبة الحدود مــن خــلال التطــور الكبيــر فــي تقنـــــيات مراقبـة الحـــدود بإستخـــــدام علــم المقاييـــس الحيويـــة سيظـــــهر قريبـاً مصطلــح العبــور الآلــــي للحـدود أو ABC Automated Border Crossing 

حيث أن هناك اليوم 12 منظومة ABC في العالم من بينها بوابة العبور الذكية في استراليا و التي تستخدم جواز السفر الالكتروني (epassport) و التعرف على ملامح الوجه من خلال التصويرالرقمي و ذلك في بعض المطارات الرئيسية هناك حيث توقع بعض الخبراء أن تنتشر هذه التقنية بشكل سريع جـداً فــي الخمــس أو العشر سنوات القادمة.إن الطلب على مراقبة بوابات الحدود يزداد بشكـل مضطـرد  كـما أن جـواز السفـر الالكتروني سيزداد انتشاراً في كثير من الدول خلال السنوات القليلة القادمة حتى انه مـن المتوقـع أن يصبح إجباري في وقت ما و حسب رأي بعض المتخصصين في هذا المجال فان وضع هذه التقنية موضع التنفيذ و جعلها إجبارية سيزيد من تطويرها من الناحية التقنية مما سيقلل من الثغرات الامنية التى من الممكن ان تكون فيها و لكن وبالرغـم مـن كــل تلــك التطورات الحالية والمرتقبة من المستبعد ان تكون عملية المرور من بوبات المطارات و المنافذ الاخرى آلية بالكامل بل ستخضع للمراقبة البشرية و خاصة الجانب المتعلق بمراقبة الجوازات و الجمارك أما تلك المتعلقة بالتذاكـر الالكترونيـة و إصـدار كـروت الصعود للطائرة فان عددا كبيرا من شركات الطيران بدأ بإستخدامها بشكل آلي تماماً.إن منظومات ABC المعتمدة على تقنية المقاييـس الحيوية لن تكون سهلة التطبيق و الاستخدام و لهذا كان لزاماً ان تخضع للمراقبة البشرية بشكل مستمر حتى تجتاز مرحلة الاختبارات و التجارب على الاقل , كما أنها تحتاج لعمليات صيانة و ظروف تشغيل معينة نظراً  لاحتواء المنظومات على تقنية معقدة , كما ان هناك بعض المخاوف من إحتمال أن تتسبب عمليات المسح الضوئي في بعض الاثار السلبية على الصحة حيث ان تلك الاثار لم تثبت بشكل عملي حتى الآن.  و مع إطلاق خدمة جوازات السفر الالكترونية في بريطانيا شنت الصحف عليها حملة إنتقادات حيث تم إثبات أن جوازات سفر إلكترونية مزورة تمكنت من المرور من خلال التفتيش الالكتروني بدون أن يتم إكتشافها و لكن دافع بعض المتخصصين في هذه التقنية على تلك الاختراقات بأنها نتيجة إستخدام رقائق إلكترونية متدنية الجودة و ليس بسبب عيوب في مبدأ عمل المقاييس الحيوية،ومن جهة أخرى يدافع البعض عن هذه التقنية بأنها تهدف إلى التحقق من أن حامل جواز السفر الالكتروني هو فعلاً صاحبه و مسؤولية الاختراقات الموجودة في المنظومة هي بسبب قصور في الالكترونيات الدقيقة المستخدمة في بعض الاجهزة ، لتجنب أي أخطاء مستقبلية يجب عدم السماح بأن تزيد نسبة عن 0%  خاصة مع انتشار استخدام تقنية الكشف عن الشخصية بإستخدام الحمض النووي DNA و بصمة العين. 

 من النظرية إلى التطبيق :

لتبسيط فكرة عمل منظومات الكشف عن الهوية التي تعتمد في نظرية تشغيلها على مبدأ المقاييس الحيوية يمكن القول أن عملية التحقـق تنقـسم إلــى مرحلتيـن متتاليتـــن ألا وهما عملية إدخال البيانات من خلال المسـح الضوئـي في الغالب  و من من ثم تأتي عملية اختبار البيانات اي مقارنتها بالبيانات المخزنة مسبقاً حيث تعتمد كلتا المرحلتين في دقتهما على قوة و سرعة الحواسيب المستعملة في المنظومة ككل.عندما يقف الشخص أمام جهاز الكشف تبدأ عملية الربط بين العالم الواقعي و العالم المخـفي وراء مليارات العمليات الحسابية وعمليات معالجة الصور و مقارنات بالبيانات المخزنة في قواعد البيانات الضخمة التي تتضمن البيانات الشخصية لملايين الاشخاص و العملية المحورية هنا هي عملية معالجة الصور سواء كانت لبصمة الاصبع أو العين أو الوجه و تتم هذه العملية من خلال مجسات تكون في هذه الحالة كاميرات تصوير ذات مواصفات خاصة و لكن الحاسب الآلي لا يتعرف على الصور كصورة بل انها تحتاج لعملية معالجة رقمية تتضمن سلسلة من عمليات التنقية و  ما يعرف بإزالة التشويش ومثال ذلك خلفية الصورة التي لا تكون جزء من شخصية صاحب الصورة و في المرحلة الثالثة يتم تفعيل عمليات تعتمد على الذكاء الاصطناعي التي يجري فيها عملية المقارنة النهائية التي تتم من خلالها عملية التصحيح من ضمن عدد أقل من إحتمالات التشابه حتى الوصول في النهاية إلى تطابق كامل مع صاحب الهوية المراد الكشف عنها و هذه المقارنات تعتمد على تخزين تفاصيل الصورة كشفرة تعتمد على تعريف تفاصيل الصورة من خلال المسافات و المنحنيات و الخطوط التي تشكل الصورة على هيئة عدد كبير جداً من النقاط تعرف بعناوين رقمية مختلفة تجعل لكل صورة تعريفها الخاص كبيانات رقمية قلما تتشابه مع بيانات لشخصية أخرى. و تخرج بيانات عملية المسـح و ادخـال البيانــات و معالجتـــــــها ومقارنتهابالاجابة التي تكون مطابق او غير مطابق.و بما ان البيانات التي سيتم تخزينها في قواعد بيانات ستكون حتماً عالمية لان المقصودين من عملية التحقق يتنقلون بين عدة دول ستتبادل بدون شك بيانات شخصية لملايين الاشخاص كان لزاماً و بحسب القواعد القانونية و الاخلاقية و لاسيما لدول العالم المتقدمة أن تخضع هذه البيانات لعملية المحافضة على الخصوصية الشخصية للافراد و لمنع سو استعمالها من قبل آخرين, حتى أن الحكومة الاسترالية أنشأت ما يعرف "مؤسسة الشفرة الخصوصية للمقاييس الحيوية" .و من المساؤي في هذه التقنية هو ما قد يلحق بالضرر على الاشخاص المسموح لهم بالدخول أو إستخدام أشياء معينة كما حدث لصاحب سيارة فارهة حيث قام السارقون بقطع اصبعه حتي يتحصلوا على بصمة اصبعه لفتح و تشغيل السيارة.ستشهد السنوات القليلة القادمة بدون شك استخدام أوسع لتقنيات مشابه المفترض منها ان تجعل عمليات التنقل و السفر عملية أكثر سهولة كما انها ستساعد من التخفيف من المسؤليات الامنية المتمثلة في عمليات مراقبة الدخول او الخروج من اماكن لها خصوصية امنية معينه او باستخدام اجهزة او معادات يجب ان يقتصر استخدامها على فئة معينة من الاشخاص .

المقال نشر على مجلة المسلح العدد التاسع 2009

تقييم المستخدم: 1 / 5

Star ActiveStar InactiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive