قدمنا للقاري في الأعداد السابقة من مجلة المسلح الدفاع الجوي كسلاح ومكوناته من صواريخ م/ط ووحدات الرواصد والإنذار المبكر ومراكز السيطرة والعمليات والطيران المقاتل الاعتراضي ووحدات الدعم الإلكتروني

وذلك من حيث النشأة و التطور والخواص الفنية و التعبوية وتطورها وبعد هذه الدراسة الشاملة نصل إلى سؤال وهو كيف يمكن أن نبني منظومة دفاع جوي معاصرة وقادرة على صد الهجمات الجوية المعادية .

يجب على منظومة الدفاع الجوي تحقيق هدفين رئيسيين هما :-

1. الاستطلاع وتأمين المعلومات عن الموقف الجوي.
2.مقاومة العدو الجوي ومنعه من تحقيق أهدافه.
لتحقيق الهدف الأول يجب بناء شبكة إنذار مبكر قادرة على استطلاع المجال الجوي للدولة و كشف الأهداف الجوية المعادية وتأمين الدلالة على الأهداف للوحدات القتالية حتى يتسنى لهده الوحدات التعامل معها كذلك يجب جمع المعلومات عن جميع الدول وخاصة الدول المتوقع عدائها والمعلومات يجب أن تحوي :-
- معلومات دقيقة عن وسائل الهجوم الجوي وإمكانياتها القتالية .

-  ---معلومات دقيقة عن أسلوب الهجوم المتبع من قبل الدولة والحروب السابقة التي خاضتها وما مدى تدريب الطيارين ومعنوياتهم.
- معلومات دقيقة عن القوات البرية والبحرية .

أما الهدف الثاني فيتحقق بعد تحقيق الهدف الأول أي عند توفير منظومة إنذار مبكر كاملة قادرة على العمل في ظروف التشويشات يعمل بها أطقم ذوو كفاءة عالية وتدريب جيد .
ولتحقيق الهدف الثاني يجب توفير شبكة متكاملة متجانسة من الصواريخ م/ط والمدفعية م/ط والطيران المقاتل لتغطية أجواء الدولة أو الأغراض المهمة التي يجب حمايتها ويجب توزيع منظومات الصواريخ م/ط والمدفعية م/ط حسب إمكانياتها القتالية وتحديد أماكن خفارة وعمل الطيران المقاتل ويتم وضع خطة منسقة ومنظمة بغرف السيطرة والعمليات لتنسيق العمل بين الطيران المقاتل وبين منظومات الصواريخ م/ط والمدفعية م/ط ووحدات الدعم الالكتروني.
ان بناء منظومة ( شبكة ) دفاع جوي تتوقف على سياسة الدولة وعقيدتها العسكرية وامكانياتها الاقتصادية والبشرية ومدى اتساع مجالها الجوي بناء على ذلك يتم تكوين تشكيل منظومة الدفاع الجوي على احد الاسس الأتية :-

- منظومة دفاع جوي لحماية المجال الجوي للدولة بالكامل .
- منظومة دفاع جوي لحماية المناطق المهمة بالدولة .
- منظومة دفاع جوي لحماية الأغراض الهامة .

أولا : منظومة دفاع جوي لحماية المجال الجوي للدولة وهذه تعتبر مكلفه جدا خاصة بالدول ذات المساحات الشاسعة حيث تتطلب بناء شبكة إنذار مبكر لكامل المجال الجوي للدولة وشبكة من الصواريخ والمدفعية م/ط والطيران المقاتل تؤمن التعامل مع أي هدف جوي يخترق المجال الجوي للدولة .

ثانيا : منظومة دفاع جوي للدفاع عن المناطق المهمة هذا الاسلوب متبع في الدول ذات المساحات الشاسعة حيت يتم تركيز الحماية ( الدفاع ) على المناطق المهمه بواسطة منظومات الصواريخ والمدفعية م/ط والطيران المقاتل مع تأمين منظومة انذار مبكر لكشف جميع الاهداف التي تخترق المجال الجوي للدولة .

ثالتا : منظومة دفاع جوي للدفاع عن الأغراض المهمة وهدا الاسلوب تتبعه الدول ذات الامكانيات المحدودة حيت يتم تركيز الحماية على الاغراض المهمة سواء كانت سياسية أو اقتصادية مع توفير شبكة اندار مبكر لكشف المجال الجوي للدولة .
حماية الأغراض المهمة يمكن ان يدخل ضمن الاسلوبين السابقين ( ضمن حماية المجال الجوي للدولة يتم تركيز الحماية على الاغراض المهمة كذلك ضمن حماية المناطق المهمه يتم تركيز الحماية على الاغراض المهمة )
نلاحظ في جميع الاساليب وجود شبكة انذار مبكر لكشف المجال الجوي للدولة بالكامل وذلك لأن المجال الجوي جزء من سيادة الدولة مثله مثل الحدود البرية والبحرية ولا يتم خرقه الا بادن . أن أغلب الاختراقات الجوية التي حدثت كان سببها الإهمال وعدم التنسيق والبطء في اتخاذ القرار .

فمثلاً في الحرب العربية الصهيونية سنة 1967 م. قام العدو الصهيوني يوم 1967/6/5 م الساعة 8:45 بتوقيت القاهرة بضرب المطارات المصرية في غارة جوية استغل فيها وجود طائرة المشير عبد الحكيم عامر فوق سيناء ووجود قادة الفرق العسكرية في منطقة " جفجافة " لغرض الاجتماع المقرر مع المشير عبد الحكيم عامر فنتيجة عدم التنسيق استطاعت الطائرات الإسرائيلية تحقيق أهدافها حيث أنه كان باستطاعة وحدات الدفاع الجوي الرماية على الطائرات المغيرة دون التعرض إلى طائرة المشير.
وفي سنة 1981م قام الطيران الصهيوني بضرب المفاعل العراقي بالقرب من بغداد واستغل الطيران الصهيوني الثغرات الموجودة بالأجواء العربية وطار على ارتفاع منخفض فوق الأجواء السعودية ولم تتمكن أجهزة الرصد السعودية ولا العراقية من رصد الطائرات المغيرة ولم يتم التصدي لها من قبل منظومات الصواريخ م/ط أو الطيران المقاتل وإنما تمت الرماية عليها من قبل المدفعية م/ط أثناء عودة الطائرات التي كانت تطير على ارتفاعات عالية والسبب في إخفاق وحدات الدفاع الجوي في أداء مهامها يرجع إلى عدم كشف الطائرات المغيره وهى قادمة كذلك البطء في اتخاذ القرار بالرمي على الطائرات بعد انجاز مهمتها ( عند عودتها ) .

أما الاختراق الذي قام به الطيار الألماني " ماتياس روست " الذي اخترق الأجواء السوفيتية فهو اختراق سلمي فقد قام الطيار بالطيران من " هامبروغ - هلسنكي - وهبط في الساحة الحمراء بمدينة موسكو بطائرة خفيفة نوع " سيسنا " وكان ذلك يوم 1987/5/28 واختار ذلك اليوم لأنه يوم عيد حرس الحدود . فقد أخترق الحدود وقطع مسافة حوالي 800 كلم داخل أجواء الاتحاد السوفيتي ولم يتم اعتراضه أو التعامل معه من قبل وحدات الدفاع الجوي مع أن الطيار ذا 19 سنة لم تكن له خبرة كافية بالطيران إذ أنه تحصل على رخصة طيران في خريف 1986 م. وتفيد بعض المصادر بأنه تم كشف الطائرة من قبل شبكة الدفاع الجوي ولكن لم يعر لها أي اهتمام بسبب بطء سرعتها ولكن هذا الاختراق شكك في قدرة شبكة الإنذار المبكر وشبكة الدفاع الجوي للاتحاد السوفيتي وبسبب هذا الاختراق فقد وزير الدفاع وآمر سلاح الطيران مناصبهم وتم تسريح عدد من الضباط والأفراد من الخدمة بسبب الإهمال .

أما ما حدث في 11 سبتمبر 2001 م. بالولايات المتحدة الأمريكية فهو اختراق من نوع آخر مختلف فقد قامت مجموعة باختطاف طائرات مدنية وضرب برجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك وضرب وزارة الدفاع في واشنطن وأن كان هذا الاختراق اختراقاً داخلياً فقد تمكنت المجموعة من الوصول إلى أهدافها دون علم أجهزة الأمن والمخابرات والاستطلاع التي تعج بها الدوائر الأمريكية.

لقد أخذنا بعض الأمثلة لاختراقات شبكات الدفاع الجوي وإن الاختراقات والحروب الجوية التي حدثت في العالم لا يسع المجال لذكرها ومن دراسة الاختراقات الجوية والحروب الجوية نلاحظ أنه في أغلب دول العالم حدثت اختراقات للأجواء وإن كانت بعض الاختراقات لم تكن هجومية وإنما سياسية أو هروب بعض الطيارين ،ولكن في ظروف عدم علم الدولة والهبوط المفاجئ في أراضي الدولة يعتبر اختراق للمجال الجوي ويحاسب عليه كل العاملين في مراقبة المجال الجوي لأن أجواء الدولة لا يسمح باختراقها إلا بإذن .

ومن دراسة الحروب السابقة والاختراقات الجوية نلاحظ أن الأسباب التي أدت إلى عدم قيام وحدات الدفاع الجوي بأداء مهامها على أكمل وجه هي :-

1- إهمال الأطقم العاملة بمحطات الرصد في كشف وتمييز وتتبع الأهداف الجوية .

2- عدم كفاءة الأطقم القتالية في إدارة المعارك الجوية من حيث إستخدام الصواريخ م/ط والمدفعية م/ط والطيران المقاتل الاعتراضي والدعم الالكتروني ( الحرب الالكترونية ).

3- عدم استخدام الطيران المقاتل الاستخدام الأمثل .
4- عدم وجود الأوامر القاطعة والمحددة الخاصة بالتعامل مع الأهداف الجوية .
5- عدم كفاءة الأطقم القتالية من حيث استخدام منظومات الصواريخ والمدفعية م/ط الاستخدام الأمثل والاستفادة من جميع الخواص التعبوية والفنية للمنظومات .
6- عدم التقيد بقواعد الرمي ( الرمي في ظروف استخدام العدو للتشويشات الايجابية )

7- عدم الدقة في حساب الوقت أي ان الإهمال في حساب الوقت يؤدي إلى كارثة عند التعامل مع الطيران المعادي .
8- عدم مواكبة الأجهزة والمعدات أي اختلاف التقنية واختلاف جيل الطيران والصواريخ المغيره مع منظومات الدفاع الجوي المدافعة.
9- الإهمال في تجهيز الأغراض الحيوية المدافع عنها والمطلوب حمايتها تجهيزاً هندسياً جيداً ومما سبق نصل إلى خلاصة وهي انه لبناء منظومة دفاع جوي متكاملة وذات كفاءة عالية يجب اتخاذ الآتي :-
1- اختيار الأطقم العاملة بمنظومات الدفاع الجوي من صواريخ م/ط ومدفعية م/ط ووحدات الإنذار المبكر ومراكز السيطرة والعمليات ووحدات الدعم الالكتروني وفقا لمعايير محددة أهمها :

- المؤهل العلمي العالي.
- تقدير المسؤولية والجدية في العمل والولاء للدولة.
- دقة حساب الوقت.

- هدوء الأعصاب وعدم الارتباك والتعامل مع المواقف برويه واتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

2- التركيز على الاستطلاع وجمع المعلومات في زمن السلم وبناء شبكة إنذار مبكر من أنواع مختلفة من المحطات الرادارية المتطورة واستخدام محطات الكشف السلبي.

3- استخدام مراكز سيطرة وعمليات حديثة ومجهزة بأحدث أجهزة الاتصال وتأهيل الأطقم العاملة بها بحيث تكون قادرة على مجابهة المواقف وإدارة المعارك الجوية التي يتم التعامل فيها بالصواريخ م/ط والطيران المقاتل الاعتراضي في وقت واحد.
4- بناء شبكة من الصواريخ م/ط والمدفعية م/ط حديتة مواكبه لجيل الطيران تكون قادرة على العمل على مختلف الارتفاعات وجميع الظروف ولا ننسى تأهيل الأطقم القتالية وتدريبهم التدريب الجيد بحيث يمكنهم التعامل مع الأهداف التي تطير على ارتفاعات منخفضة والأهداف التي تطير تحت ستار التشويشات.

5-توفير طائرات مقاتلة ذات خواص فنية متطورة وتأهيل طيارين مهرة قادرين على الدخول في معارك جوية في جميع الظروف وجميع الأوقات.
6-توفير محطات إعاقة إلكترونية قادرة على التشويش على الطائرات المعادية مع توفير محطات كشف سلبي لكشف وتحديد الطائرات المعادية القائمة بالتشويش مع تأهيل الأطقم تأهيلاً جيداً ،ونشر المحطات الرادارية الكاذبة لتشغيلها عند الغارات الجوية لتضليل الصواريخ المضادة للرادار.
7- العمل زمن السلم عند بناء أو إنشاء أي مرفق حيوي هام مدني أو عسكري يجب أن يجهز هندسياً حتى لا يتضرر من جراء الغارات الجوية المعادية .

ان مهمة الدفاع الجوي هي تدمير العدو الجوي ومنعه من تحقيق أهدافه وعند منع العدو من تحقيق أهدافه يعتبر الدفاع الجوي قد أدى مهمته كاملة.

تقييم المستخدم: 2 / 5

Star ActiveStar ActiveStar InactiveStar InactiveStar Inactive